الطفل العربى ذو الاحتياجات الخاصة....

الوضع العام لحقوق الطفل ذوو الاحتياجات الخاصة, في الوسط العربي, حتى الآن لم يحض بأبحاث علمية دقيقه, فمن بعض الأبحاث القليلة التي أجريت وجد أن هذا الموضوع بالإضافة للتربية الخاصة, ما زال على هامش الأبحاث وفقط بعض المنشورات البسيطة هي التي تؤكد على النقص في المواد والموارد المتعلقة بالتربية الخاصة. أيضا بعض الباحثين يدعون أن التعليم الخاص ما زال في بداية طريقه, عدا عن النقص والهوة الكبيرة والتمييز بين الوسطين العربي واليهودي. إن نقص الأخصائيين الذين يتكلمون العربية كبيراً، والمواد التي تصل للأطر الخاصة في الوسط العربي هي ثلث ما يصل للوسط اليهودي من مواد علاجية ومواصلات عامة تؤمن له الأمان والحماية.

أسئلة كثيرة يسألها أهالي هؤلاء الأطفال, عدا عن الصراع بينهم وبين البيروقراطية والتعامل فقط مع الأوراق دون الجانب الإنساني والدعم النفسي والمعنوي الذي يحتاجه الطفل والأهل على حد سواء.

من خلال إعدادنا لهذا التقرير الإنساني والتقاءنا ببعض أهالي هؤلاء الأطفال, رأينا الغضب والغصات وحتى الدموع وصراع مستمر مع مؤسسات لا تعترف سوى بالأوراق الرسمية والوقت الذي يذهب سدا من حياة هؤلاء الأطفال.

"أمير حسون" من قرية بقعاثا طفل في الصف الرابع الابتدائي ولد مع إعاقة في رجليه. كان لنا اللقاء التالي مع والديه وأخيه الأكبر الذي هو الآن في الصف السابع الابتدائي, والذي أخذ قسطاً كبيراً من المعاناة والمسؤولية التي يحملها لنفسه من اجل مساعدة أخيه.

حدثنا الوالد السيد "حمد حسون" قائلا: "بدأ أمير مشواره الأول بالروضة, كنا نعلم أنه تحق له مرافقة من قبل وزارة التربية, وعندما توجهنا للمجلس المحلي في القرية كان جوابه لنا واضحا جدا, بأنه لا توجد أية ميزانية لأمير بخصوص المرافقة, لكن بعد ذلك وبعد الكثير من الضغط على المجلس والجهات المسؤولة بمساعدة مديرة المركز لتطوير الطفل, السيدة "ايريت حين", والضغط منها على المفتشة السيدة "فاديا فلاح" والسيد "حكمت أبو شاهين", استطعنا الحصول على مرافقة للطفل بمثابة ثلث نصاب من المجلس المحلي وثلثين من وزارة التربية.

بعد سنة من ذلك بدأت المشاكل, فرافقته أمه فصلا كاملا دون أي معاش. وبعد الواسطة والتكلم مع الجهات المسؤولة أرسلوا لأمير مرافقه بنصاب كامل من الصباح حتى عودته إلى البيت بعد الظهر, لكن رويدا رويدا بدأ النصاب يقل, دون أي بلاغ رسمي, أو أي رسالة تسمح لنا بتجهيز أنفسنا ماديا, أو تهيئة الطفل نفسيا لذلك.

وقد ذكرت الأم, أن المرافقة بقيت تطوعا منها باقي ساعات النهار, لكن بعد ذلك وصل المرافقة كتاباً خطياً يقول أن ساعات دوامها تنتهي في الساعة الثانية إلا ثلث, أي قبل خروج أمير من المدرسة بساعة أو ساعتين, وهذا يعني وجود الطفل بالمدرسة لوحده, ساعتين في اغلب الأيام, وفي الفرص دون مرافقة, والكل يعلم أن أمير بحاجة لمرافقة بسبب تعسره في الحركة.

وذكر أخوه قائلا بغضب شديد: أنا في الصف السابع انهي دوامي في الواحدة والنصف واذهب مشيا إلى الابتدائية لأنتظر أخي هناك وانتظر السيارة لتأتي لأساعد أمير في الصعود إليها. وقد ذكرت الأم قائلة أن السيارة غير ملائمة إطلاقا لأمير ورفاقه, وقد طلبنا كرسيا ملائما له ولكننا لم نر أية استجابة، عدا عن ذلك أحيانا تأتي إليه سيارة باص وصعب جدا على أمير أن يصعد إليها, وقد طلبنا سلما، وأيضا لم يستجب أحدا لذلك. وطلباتنا هذه قانونية وهي من حق طفلنا, عدا عن أن هنالك أياما تأتي السيارة في التاسعة وأحيانا لا تأتي.

يبدو أن حال أطفال مجدل شمس لا يختلف كثيرا عن حال أطفال بقعاثا، فهم يشتركون بالانتماء وربما بالإهمال أيضا، السيد مالك أبو جبل والد لأحد هؤلاء الأطفال ذوي الإعاقة الجسدية، أمجد ولد مع إعاقة في رجليه فهو لا يقوى على المشي وحده وبحاجة دائمة للمساعدة، خضع لعدة عمليات علاجية وكان بعدها بحاجة ماسة للعلاج الطبيعي، ولكنه للأسف لم يلق أي دعم، يقول والد أمجد: "بعد أن توجهنا إلى السيد مجيد الكحلوني المسؤول في مكتب الشؤون ومعنا كل الأوراق الخاصة بحالة أمجد، قال لنا انه لا يستطيع مساعدتنا في هذا الموضوع حتى فيما يتعلق بسفريات الطفل، وتابع ليقول لي: "أنت صاحب فرن ومقتدر، بإمكانك نقله على عاتقك ومسؤوليتك." وتابع السيد مالك: "وبعد اخذ ورد أخذنا بعض مستحقاتنا من نفس المكتب بمساعدة موظف آخر".

"لم تنته مشكلة امجد هنا ولكن ربما بدأت، كباقي أطفال جيله كان يجب أن يلتحق بروضة الـ 3 سنوات، وبدأت مشكلته الآن مع مكتب المعارف حيث لم يفرز له مرافقة تساعده خلال أوقات الدوام، ومسؤول التربية في المجلس المحلي اخبرنا انه لا يوجد ترخيص لمساعدته، فأمضى سنة الروضة الأولى في البيت ينتظر، وبعد أن توجهنا إلى مكتب الشؤون في الناصرة قال لنا المسؤول هناك: "لا سفريات للأطفال العرب واذهبوا واعملوا ما تشاءون"، حتى انه رفض إعطاءنا مكتوبا خطيا بهذا الكلام، وهذه السنة الثانية للروضة ونحن في رحلة دائمة من مكتب لأخر ومن مسؤول لأخر لتستقر أوراقنا أخيرا في مكتب احد المحامين لمعالجة القضية، امجد الآن في روضة الرابطة مع أطفال اصغر منه سنا فقط لأنه يلح أن يخرج من البيت كباقي أخوته".

يختم السيد أبو جبل: "المستقبل غير واضح بالنسبة لنا والمحاكم طريقها طويل، وكل هذا على حساب الولد وعلى حساب تعليمه ونفسيته".

نحن بدورنا وجهنا مجموعة من التساؤلات إلى السيد كمال عطيلة الناطق بلسان وزارة التربية والتعليم، والذي أحالنا بدوره إلى المفتش أحمد كبها، وكان لنا الحديث التالي:

إن قسم الإعاقات في التأمين الوطني هو المسؤول عن تلبية حقوق ومطالب الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، حسب قانون التعليم الخاص الذي صدر عام 88 والذي ينص على إن لكل طفل ذو إعاقة حركية الحق بسيارة ومرافقة إذا كان يتعلم في إطار التعليم الخاص، وفي إطار التعليم العادي يجب أن تكون لديه مساعدة خاصة، وهذه المساعدات تقدم من قبل وزارة المعارف عن طريق المجلس المحلي.

باختصار يحق لكل طالب بالخدمات التالية: سفريات، ومرافقة داخل السيارة، هذا فقط إذا مر بلجنة التنسيب في السلطة المحلية بوجود مدير قسم المعارف ومفتش وأهل الطالب ومعلم المدرسة وممثل عن قسم الخدمات الاجتماعية، وهناك يتخذ قرار باستحقاق أو عدم استحقاق الطالب لمطالب معينة.

وحين سألناه: هل يتم التعامل مع الوسط العربي مثل الوسط اليهودي في هذا المجال؟

"لا يوجد فروقات في التعامل بين الوسط العربي أو اليهودي فنحن نعمل وفق قانون التعليم الخاص ووفق لجان قانونية تقدم الخدمات التربوية والتعليمية بشكل مجاني".

ثم عقب السيد كمال عطيلة أخيرا على كلام السيد المفتش قائلا: "إن وزارة المعارف والمسؤولون عن قسم التعليم سيقومون بمعالجة أية شكوى رسمية تقدم لهم من قبل أهالي الطلاب المذكورين".

إما السيد مجيد الكحلوني رئيس مكتب الشؤون فأوجز لنا باختصار إن وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة عن هؤلاء الطلاب أصحاب الإعاقات الحركية، وان وزارة الرفاه الاجتماعي تتحمل المسؤولية بعد عمر 21 سنة، ولكن في إطار معين نحن نقدم المساعدة، كما في حالة الطفل امجد حيث قدمنا له سفريات إلى كريات شمونة.

واختتم حديثه قائلا انه لا يريد أن يدخل في سجالات شخصية مع بعض الأهالي نظرا لحساسية هذه المواضيع، ولان عمله بالأصل كباحث اجتماعي يعتمد على عدم إثارة المشاكل والحساسيات ويعتمد على السرية .

أخيرا يبدو أن هذا الموضوع يحتوي على إشكاليات كثيرة ومعقدة وعلى عدم معرفة كافية من قبل أهالي هؤلاء الأطفال لحقوقهم أو الجهات التي ينبغي أن يتوجهوا لها لطلب المساعدة، مما يخلق مزيدا من المشاكل ومن سوء التفاهم أحيانا، ولهذا سنقوم في أعداد لاحقة بمتابعة هذا الموضوع لمعرفة تفاصيل أدق وللرد كذلك على تساؤلات الأهالي عن طريق المعنيين والمختصين بهذا المجال